فصل: فصل: في قبول الوكالة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.فصل: في أمانة الشركاء:

4326- الشركاء أمناء يقبل قولهم في دعوى الرد والتلف، ومن ادعى منهم خيانة مطلقة، لم تسمع، وإن فصَّل، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه.
ولو باع أحدهما عيناً، فادعى المشتري أنه أقبضه الثمن، فصدقه الشريك الآخر، وأنكر البائع، فالقول قول الشريك البائع، فإن حلف، فله طلب حصته دون حصة شريكه؛ لاعتراف الشريك ببراءة المشتري، وليس للشريك أن يساهم البائع فيما يأخذه من الثمن، فإن شهد الشريك على البائع بالقبض، لم تُقبل شهادته فيما يخصه، وفيما يخص البائع قولا تبعيض الشهادة، وإن نكل البائع عن اليمين، عرضت على المشتري، فإن حلف، برىء، وإن نكل، فهو كحلف البائع، هذا إذا تنازع البائع والمشتري.
ولو تنازع البائع والشريك، فالقول قول البائع، فإن نكل، عرضت اليمين على الشريك، فإن نكل، كان كحلف البائع، وإن حلف، طلب حصته من البائع، وللبائع مطالبة المشتري بحصته من الثمن على قول الكافة، وقيل: لا يطالب؛ لأن نكوله مع اليمين كبينة أو إقرار، وأيهما كان، امتنع به الطلب والخصام، وهذا غريب منقاس، ومقتضاه أن الخصام لو وقع في الابتداء مع المشتري، فحلف المشتري يمين الرد بعد نكول البائع، فينبغي أن يطالب الشريك بحصته من الثمن؛ لأن يمين الرد كبيّنة أو إقرار.
ولو أذن أحدهما للآخر في البيع، وقبض الثمن، ولم يأذن الآخر في ذلك، فادعى المشتري دفع الثمن إلى الآذن، وصدقه المأذون، فالقول قول الآذن، وللمأذون طلب حصته من المشتري بكل حال؛ لأنه لم يأذن لشريكه في القبض، وليس له طلب نصيب الآذن، فإذا قبض المأذون نصيب نفسه، فلشريكه أن يساهمه فيه عند المزني، وقال ابن سُريْج: لا يساهمه؛ لأنه اعترف بانعزاله بالقبض، قال الشيخ: وإن انعزل المأذون كما قال ابن سريج، فينبغي أن يخرج ذلك على ما إذا باعا شيئاًً صفقة واحدة، وقبض أحدهما نصيبه من الثمن، فهل يساهمه الآخر؟ فيه وجهان، ولو شهد البائع على الإذن بقبض جميع الثمن، قبلت شهادته؛ إذ لا جَرَّ فيها.

.فصل: في بيع الجزء الشائع وغصبه والإقرار به:

4327- إذا قال أحد الشريكين للمشتري: بعتك نصفي، أو حصتي من هذا العبد، صح، وانحصر البيع في نصيب البائع، وإن قال: بعتك نصف العبد، فهل ينحصر أو يشيع في النصفين؟ فيه وجهان: فإن أشعناه، بطل بيع ربع العبد، وفي الربع الآخر قولا تفريق الصفقة.
وإن أطلق أحدهما الإقرار بالنصف، فإن أشعنا البيع، فالإقرار أولى، وإن حصرناه، شاع الإقرار في أصح الوجهين، وإن أطلق، فروجع، فحصر الإقرار في نصيب الشريك، قُبل عند أبي محمد، واستبعده الإمام.
وقد نص الشافعي، واتفق أصحابه على تصور غصب الجزء الشائع؛ إذ الغصب إزالة يد محقة، وإحداث يد عادية، فإذا أزال الغاصب يد الشريك، وأحل نفسه محله، ولم يتعرض لنصيب الآخر، فقد غصب النصف، فإن باعه، خرج على الوقف، وإن باع الجميع هو والشريك الآخر من شخص واحد، فقد قطعوا بالنفوذ في حصة الشريك البائع، لاتفاقهم على تعدد الصفقة بتعدد البائع، وقيل: لا يصح لاشتمال القبول على الصحيح والفاسد مع اتحاده، وهذه هفوة.

.كتاب الوكالة:

4328- تصح الوكالة بإجماع العلماء، ولا تصح فيما لا تطرق للنيابة إليه، كعبادات الأبدان، إلا الحج، وركعتي الطواف، إذا أتى بهما الأجير على الحج، وفي الصوم خلاف، ويصح في كل ما تتطرق إليه النيابة، ويقع معظم نفعه للموكِّل، كالعقود، والفسوخ، والطلاق، والعتاق، والرجعة، والنكاح، والصلح، والسلم، والرهن، والحوالة، والقبوض المستحقة، والعواري، وقبول الهبات.
وفي تملك المباح وجهان.
ولا يجوز في الإيلاء؛ لأنه يمين، ولا نيابة في الأيمان، وفي الظهار جوابان، مأخذهما تغليب الطلاق أو الأَيْمان.
والوجه القطع بالتصحيح في الإيصاء والضمان.
ولا يجوز في الغصب، والعدوان، فإن غصب ما أذن له فيه، اختص بأحكام الغصب والضمان.
ويجوز في إثبات القصاص، وحد القذف اتفاقاً، وكذلك في استيفائهما إن حضر الموكِّل، وإن غاب، ففيه-لاختلاف النص- طريقان: إحداهما- المنع، قولاً واحداً، والثانية- فيه قولان.
والمذهب منع التوكيل في طلاق امرأة سينكحها.
وأصح الوجهين بطلان التوكيل في الإقرار، وبه قطع المراوزة. فإن قلنا: يصح، فقال: أقرّ عني لزيد بعشرة، لم يكن التوكيل إقراراً، وإن عزله، امتنع الإقرار.
وإن قلنا: لا يصح، فالأصح أن نفس التوكيل إقرار، فإن قال: أقر عني لفلان بشيء، فهو كقوله: "له علي شيء". ولو قال: أقرّ لزيد، واقتصر، فوجهان، وقطع العراقيون بأنه ليس بإقرار؛ إذ يحتمل أقر له بالفضل والإحسان.

.فصل: فيمن يجوز توكيله وتوكُّله:

4329- كل من ملك مباشرة أمرٍ لنفسه، وهو مما يقبل النيابة، جاز أن يوكل فيه، وكل من باشر لنفسه أمراً يقبل النيابة، جاز أن يتوكل فيه، وهذا مطرد، واستثنى من عكسه مسائل، فالعبد والسفيه لا يتزوجان بغير إذن السيد والولي، ولو توكّلا فيه بغير إذنٍ، جاز، على المذهب. ولو توكلا في الإنكاح، لم يجز، على المذهب؛ إذ لا يملكانه بالإذن. وفي توكيل المرأة في طلاق غيرها وجهان. والمحجور بالفلس لا يتصرف في أمواله، وإن توكل فيما لا عهدة فيه، جاز، وكذلك فيما فيه العهدة، على المذهب.

.فصل: في التوكيل في المخاصمة:

4330- لا يشترط في التوكيل في الخصام رضا الخصم، رجلاً كان، أو امرأة، مخدَّرة أو غير مخدّرة، ويدخل تحت لفظ الخصومة إقامة البينة، وسماعُها وجرحُها، واستزكاؤها، فإن استثنى الموكل شيئاً من ذلك، لم يملكه الوكيل، ولا يملك المصالحة وإن جاز التوكيل في صلح المعاوضة والحطيطة. وليس له أن يقبض الحق إذا ثبت، على أصح الطريقين؛ إذ لا يعدّ من الخصام، وقيل: فيه وجهان. ولو توكل في قبض حق، فاحتاج إلى الخصام، فهل له ذلك؟ فيه وجهان.
وإن توكل بالمخاصمة من الجانبين، لم يجز، على الأصح، فإن أجزناه، فليفرغ من حجة أحدهما، ثم يشتغل بحجة الآخر.
وإن وكل اثنين بالمخاصمة، فهل لأحدهما الانفراد؟ فيه وجهان: فإن منعناه، لم يخاصم إلا بحضور صاحبه؛ إذ الغرض بذكرهما حضورهما للتشاور والتناصر، وكذلك الغرض من كل ما يفوض إلى اثنين على الإطلاق، كالوكالة والوصاية، وسائر التصرفات.
ولو توكل في مجلس الحكم، فله أن يخاصم فيه، وفي غيره من المجالس في الاستقبال. وقال القاضي: يتخصص ذلك بمجلس التوكيل، على مصطلح القضاة، وليس الأمر كما قال.
وإن وكله في مخاصمة خصمائه، ولم يعين، صح في جميع الخصومات، وقيل: لا يصح؛ للجهالة.
وإن ادعى أنه وكيل زيد في مخاصمة عمرو، فإن صدقه عمرو، ثبتت بذلك الوكالة، واطرد الخصام، فإن كان عمرو مدعىً عليه، لم يملك الامتناع من المخاصمة إلى أن يحضر الموكل، وإن كان مدعياً، فله أن يخاصم وأن يؤخر، وإن كذبه عمرو، لزمه الإثبات، وتسمع بينته في حضور الخصم، وغيبته. وقال القاضي: لابد أن ينصب القاضي من يسمع البينة في مسألة الغيبة؛ إذ لابد من مقضي عليه بخلاف القضاء على الغائب؛ فإنه يتوجه إليه، بخلاف الوكالة؛ فإن إثباتها ليس قضاء على الغائب، ولا أصل لما قال.
فرع:
4331- إذا وكل في مجلس القضاء، فللوكيل أن يخاصم عنه ما دام حاضراً، وإن غاب، لم يخاصم، إلا أن يعرفه الحاكم بنسبه، ولا يجوز أن يعتمد على قوله في نسبه، فإن أقام بينة بالنسب، سُمعت، ووجب استزكاؤها. وقال القاضي: جرت عادة القضاة بترك الاستزكاء هاهنا؛ اعتماداً على ظاهر عدالة الشاهدين، وهذا مما تفرّد به؛ فلا تخرم به الأصول.

.فصل: في قبول الوكالة:

لا تفتقر الإباحة إلى قبول المباح له، ولا تبطل برده، وفي اشتراط قبول الوكالة طريقان: إحداهما- وجهان. والثانية- لا يشترط إن كانت بلفظ الأمر، وإن كانت بلفظ التوكيل، أو الإنابة أو التفويض، فوجهان، ولو عزل نفسه، انعزل اتفاقاًً.
فرع:
4332- إذا شرطنا القبول، فلابد أن يتصل بالإيجاب، فإن كتب الغائب بالوكالة، نفذت على الأصح.
فإن لم نشترط القبول، نفذ تصرف إلوكيل، وإن شرطناه، فليقبل إذا عرف مضمون الكتاب.

.فصل: في تعليق الوكالة:

4333- إذا علق الوكالة بصفةٍ أو وقت، فطريقان: أحسنهما- أنا إن شرطنا القبول، لم يجز، وإن لم نشترطه، جاز. والثانية- إن لم نشترطه، جاز، وإن شرطناه، فوجهان.
ولو عجل التوكيل، وعلّق التصرف، جاز، ولا يتصرف قبل وجود الشرط، ورمز العراقيون إلى تخريجه على الخلاف في التعليق، إذ لا معنى للوكالة مع منع التصرف.
فرع:
4334- إذا منعنا التعليق، فتصرف الوكيل بعد وجود الشرط، نفذ عند العراقيين، ويسقط المسمى، ويجب أَجْر المثل. ومنعه أبو محمد، وقال الإمام: إن وكل بصيغة التوكيل، لم ينفذ إن شرطنا القبول، وإن وكل بصيغة الأمر، نفذ إن لم نشترط القبول.
فرع:
4335- إذا لم نشترط القبول، ففي اشتراط علم الوكيل بالوكالة خلاف مرتب على العلم بالعزل، وأولى بالاشتراط، فإن شرطناه، فهل يشترط أن يقترن بالوكالة؟ فيه وجهان. فإن لم نشترط الاقتران، فتصرف قبل العلم، ففي نفوذ تصرفه قولان، كما لو باع مال أبيه على ظن حياته، فظهرت وفاته.

.فصل: في العزل:

4336- لا يقف العزل على القبول اتفاقاًً، ولا على علم الوكيل على الأصح، وفيه قول مخرّج. وإن مات الموكل أو جن، أو أَعْتَق العبد الذي وكَّل في بيعه، أو باعه بيعاً لازماً، ولم يشعر الوكيل، نفذ التصرف، وانعزل الوكيل.
ولا ينعزل الحاكم قبل بلوغ الخبر؛ لما في ذلك من الضرر، وقيل: فيه القولان.
فرع:
4337- إذا لم نشترط العلم بالعزل، فتصرف الوكيل، فادعى الموكل أنه عزله قبل التصرف، لم يقبل إلا ببيّنة.
فرع:
4338- في تعليق العزل خلاف مرتب على تعليق الوكالة، والأصح الجواز.
فرع:
4339- إذا جوزنا التعليق، فقال: مهما عزلتك، فأنت وكيلي، ثم
عزله، عاد التوكيل، فإن عزله ثانياً، لم تعد الوكالة، إلا إذا قال: كلما عزلتك، فأنت وكيلي، فيتكرر التوكيل بتكرر العزل.
فإن عزله في غيبته، فإن شرطنا العلم بالعزل، فالوكالة بحالها، وإن لم نشترطه، فهل تعود الوكالة، أو تخرج على الخلاف في اشتراط علم الوكيل؟ فيه وجهان؛ لأن الوكيل قد أمن من اطراد العزل.
فرع:
4340- إذا حكمنا بعود التوكيل بعد العزل، فصادف التصرف وقت الانعزال، ففي نفوذه وجهان. وإن شككنا في ذلك، أو اختلفا فيه، فالأصل بقاء التوكيل.
فرع:
4341- إذا حكمنا بتكرر الوكالة إذا تكرر العزل، فالخلاص منها بأن يقول: كلما وكلتك، فأنت معزول.

.فصل: في إقرار الوكيل على الموكل:

4342- إذا توكل بالمخاصمة لمدعٍ، أو مدعىً عليه، لم يقبل إقراره عليه، ولو عدّل وكيل المدعى عليه ببينة المدعي، لم يقبل؛ لأنه يقطع الخصومة كالإقرار، وليس للوكيل أن يختار قطع الخصام.

.فصل: في التوكيل في الإبراء:

4343- إذا قال: أبرأتك مما لي عليك، وهو عالم بقدره، صحّ، وإن لم يصرح بذكر المقدار، كما لو قال: بعتك بما باع به فلان، ويشترط في الإبراء معرفة الموكل لما يبرىء منه، دون الوكيل، فإذا قال: أبرأتك مما لموكلي عليك، صح، وإن جهله الوكيل، بخلاف البيع؛ فإن عهدته تتعلق بالوكيل.

.فصل: في توكيل الوكيل:

4344- إذا وكل إنساناً بتصرفاتٍ أو خصومة، فإن تيسّر عليه تعاطي ذلك، لم يملك التوكيل فيه اتفاقاًً، وإن عسر، فطرُقٌ: إحداهن- التجويز فيما يعسُر منه، وفي المتيسر وجهان. والثانية- المنع في المتيسر، وفي المتعسر وجهان. والثالثة- في الجميع وجهان:
أحدهما: الجواز في الكل، وفيما شاء منه، والثاني: المنع في الكل، والجواز في البعض، والتعيين إليه، وهل يعتبر في العُسر عظم المشقة، أو عدم الإمكان؟ فيه وجهان.
فرع:
4345- توكيل العبد المأذون كتوكيل الوكيل، في الخلاف والوفاق، وللوصي، والمقارض، والولي المجبِر أن يوكّلوا وفي غير المجبر خلاف.

.فصل: في التوكيل بإذن الموكل:

4346- يجوز التوكيل بالوكالة، فإذا وكله بتصرف، وأذن له أن يوكل فيه، فله أحوال: الأولى- أن يقول: وكل عني فيما وكلتك فيه، فيكون الوكيل الثاني وكيلاً عن المالك، لا ينعزل بانعزال الأول بحال.
الثانية- أن يقول: وكل عن نفسك، فهل يملك الأول عزل الثاني؟ فيه وجهان، يعبر عنهما بأنه وكيل عنه أو عن المالك، فإن جوزنا له عزله، انعزل بموته وجنونه، وإن منعناه من عزله، ففي انعزاله بموته وجنونه وجهان. ولو انعزل الأول بعزل المالك، ففي انعزال الثاني بذلك وجهان، اعتباراً بالموت والجنون. وإن عزل المالك الثاني، انعزل إن منعنا الأول من عزله. وإن أجزناه، فوجهان، فإن قلنا: لا ينفذ، فطريق الخلاص أن يعزل الأول، فينعزل الثاني بذلك.
الثالثة- أن يقول: وكلتك في التوكيل، ولا يزيد، فبأي الحالين يُلحق؟ فيه وجهان.
فرع:
4347- إذا جوزنا للوكيل المطلق أن يوكل، فإن أضاف إلى الموكل، فهو كالحال الأولى، وإن أضاف إلى نفسه، فهو كالحال الثالثة.

.فصل: في دعوى الأمين الرد على المؤتمن:

4348- كل أمين ادعى الرد على المؤتمن، فالقول قوله باتفاق الخراسانيين، وقال العراقيون: إن كان الغرض للأمين: كالمستأجر والمرتهن، فالقول قول المؤتمن.
وإن كان الغرض للمؤتمن كالوديعة والوكالة بغير جُعل، فالقول قول الأمين. وإن كان الغرض لهما كالوكيل بالجعل، فوجهان.
فرع:
4349- كل أمين تلفت العين عنده بغير تفريط منه، لم يضمن، وكل أمين ادعى التلف، فالقول قوله باتفاق الخراسانيين، وقياس العراقيين إلحاق دعوى التلف بدعوى الرد، ويحتمل أن يفرقوا بين الرد والتلف.

.فصل: في دعوى الرد على غير المؤتمن:

4350- إذا ادعى الرد على غير المؤتمن، لم يقبل قوله إلا على وجه بعيد، كمن، التقط لقطة، أو أطارت إليه الريح ثوباً، فادعى الرد على المالك، لم يقبل، وكالقيم إذا ادعى الرد بعد البلوغ والرشد، فلا يقبل على الأصح، وإن ادعى النفقة في، الصغر، فإن ذكر سرفاً، ضمن، وإن ذكر اقتصاداً، قبل على الأصح.
فرع:
4351- من طولب بالدين، فله أن يمتنع من أدائه حتى يُشهد له بقبضه، وفي الوديعة وجهان. وقال العراقيون: لا يمتنع في الدين، إلا إذا كان به بينة.

.فصل: في دعوى الرد على رسول المؤتمن:

4352- إذا ادعى الأمين الدفع إلى الرسول، واعترف المالك بالإرسال، وكذب، الأمين في الدفع، فالقول قول الرسول في عدم القبض، وفي تغريم الأمين وجهان؛ إذ يد الرسول كيد المرسل، وقطع الإمام بالتغريم؛ لأنه ادعى الرد على غير المؤتمن، وإن كذبه الرسول، وصدقه المالك، فإن قلنا: لا يغرم إذا كذبه المالك، فهاهنا أوْلى، وإن قلنا: يغرم ثمَّ، فهاهنا وجهان مشهوران لتقصيره بترك الإشهاد.

.فصل: في التنازع في إيقاع التصرفات:

4353- إذا توكل بتصرف، أو أداء أمانة، أو دين، فادعى أنه فعل ذلك، وأنكره الموكل، ففي قبول قول الوكيل مع يمينه طريقان: إحداهما- ثلاثة أقوال: أحدها: لا يقبل في الجميع، لتعلقه بثالث، والثاني: يقبل حتى في أداء الديون والأمانات، والثالث: إن شابه لفظُ الدعوى لفظَ الإنشاء، قبل، وإلا فلا، فيقبل في العتق والطلاق، ولا يقبل في الاقتصاص. ولو قال: بعتُ، فالقياس أنه لا يقبل؛ إذ لا يستقل بالإنشاء من غير قبول.
والطريقة الثانية-وهي المشهورة- إن ادعى دفع دين أو أمانة، لم يقبل، على المذهب. وإن ادعى عقداً وهو باقٍ على الوكالة، قبل؛ لقدرته على الإنشاء.
فرع:
4354- إذا صدقه المالك على قضاء الدين، ولكنه، لم يُشهد، لزمه الضمان، إلا على قول بعيد. وقال العراقيون: إذا جحد القابض، فإن ترك الإشهاد في غيبة الموكل، ضمن، وإن تركه بحضرته، فوجهان. وإن دفع الوديعة بحضوره، لم يضمن، وفي الغيبة أوجه: ثالثها- التفرقة بين أن يدفعها في مكانٍ يتعذر فيه الإشهاد، أو يتيسر.

.فصل: في التنازع في قبض الديون والأثمان:

4355- إذا توكل في قبض دين، فادعى أنه قبضه، وأنه تلف في يده، فقال الموكل: لم تقبضه، فالقول قول الموكل؛ إذ لا غرم على الوكيل، ولا خصومة معه، وللموكل أن يطالب المدين بالدين، بخلاف ما لو اتفقا على الاستيفاء، ثم اختلفا في الرد أو التلف، فالقول قول الوكيل؛ فإنا لو كذبناه، لغرمناه.
ولو سلَّم المبيع بإذن الموكل، أو كان البيع بالمؤجل، فسلم المبيع، ثم ادعى أنه قبض الثمن، فالقول قول الموكل، فإن اتفقا على قبضه، ثم اختلفا في تلفه أو ردّه على الموكل، فالقول قول الوكيل؛ فإن البيع إذا كان مطلقاً أو مقيداً بالحلول، فسلّم المبيع قبل قبض الثمن، لزمه الأقل من قيمة المبيع أو الثمن، فإذا ادعى الموكل أنه سلمه، فأنكر، فالقول قول الوكيل؛ لأنا لو كذبناه، لغرمناه، وليس للموكل مطالبة المشتري بالثمن على الأصح؛ لتعلق الخصومة بالوكيل، بخلاف ما ذكرناه في الدين، فإن قلنا: لا يطالبه بالثمن، فرد المشتري المبيع بالعيب، فله طلب الثمن من المالك والوكيل، فإن غرّم الوكيل، لم يرجع على المالك؛ لأن يمينه صلحت للدفع دون الإثبات، فأشبه ما لو اختلف المتبايعان في عيب ممكن الحدوث، فحلف البائع، ثم انفسخ البيع بالتحالف، فليس له أن يغرّم المشتري أرش العيب الحادث اتفاقاًً، إلا أن في صورة الوكالة إشكالاً، من جهة أنا قد برّأنا المشتري من الثمن، وصدقنا الوكيل في قبضه وتلفه أو ردّه على المالك، وذلك يقتضي الرجوع على المالك، ولا يتجه منع الرجوع إلا إذا جوزنا مطالبة المشتري بالثمن.

.فصل: فيمن طولب بأمانةٍ فأخّر ردها:

4356- كل من طولب بأمانة، لم يجز له تأخير ردها إلا بعذر، فإن أخر بغير عذر، ضمن، وإن كان مشتغلاً بأكل، أو طهارة، أو حمّام، لم يلزمه القطع، فإن تلفت في هذه الحال، لم يضمن عند الأصحاب، وقال الإمام: إن تلفت بسببٍ تتلف به لو كانت عند المالك، لم يضمن، وإن تلفت بسبب التأخير، ضمن.
فرع:
4357- إذا ادعى المالك تأخيراً لا عذر فيه، أو اتفقا على التأخير، وادعى
المالك نفي العذر، فالقول قول الأمين.